اختنقت أنفاسي وضاقَت الوسيعة بعيني .. لم يعد يحويني كل ذلك الفضاء الواسع ، الآن ليسَ يحويني إلا هذا القبر الصغير المعتم .
غربيون أنتُم يا صحبي ، عندَما مِتْ بكيتم عليّ بكاءً شديداً ولم تتوقفوا عَن الدُعاءَ لي .. أمّا الآن ، أصبحتُ مجَرّد ذكرى " لَرُبّما " تدمَعُ العَينَ لها بالنسبة لكم ... أمّا أنتِ يا أمّي فما زلتِ إلى هذه اللحظة تتذكريني وتبكي على فقدي وتدعين لي لكن لم يزدني صوتَ نحيبُكِ إلّا ألماً .. كم أتمنى لو بإمكاني أن أعود وامسَح دمعك الذي يتخذ من تجاعيد وجهك مسرباً له لتمسحيه بكلِ هدوء بيدكِ المرتجفة .. كم كنت " حقيراً " عندما تجاهلتُ طلباتك لكي أرضي صحبي لكن الآن ليسَ بيدي شيء .
أريدُ أن أخبركِ يا أمّي لَم أعُد اشعرُ بالغيرة من أخي الصغير ولو كنت كذلك لغرتُ لأنه قادر على أن يدخل السعادة إلى قلبك وأن يرضيكِ وأنا لا، فَهو " حي " وأنا " ميّت " .. ولم أعد ارغبُ بمضايقة أختي فهذه هي حياتها وهي حرّة فيها .
تدعون لي بالبرودة والتوسيع بالقبر .. لم تعلموا انّه كلّما زادَت سعته وبرودته زاد شعوري بالحزن والوحدة .. كم هو حنون هذا الكفن الأبيض الذي يضمني بكل دفئ حتى لا اشعر أنني وحيد .. لكن رغمَ شدة بياضه لم يكن كافية للقضاء على شدة عتمة القبر .. ربما لم يكن نقياً بما فيه الكفاية .
كلّ ما أريدُ منكم مجرّد دعوة عند شروق الشمس وعندَ مغيبها ، هل هذا كثير ؟
لو كنتم تشعرون بضيق مكاني واختناق أنفاسي وحبسها وشدة حزني ويأسي اقسم أنكم ستدعون لي أكثر مما تدعون لأنفسكم !
كم انتم " سخيفين " عندما تدعون للأحياء وتنسوننا نحنُ الأموات تحت الأرض !
تدعون للمغترب وللمسافر وتنسون أنّ " الميت " مغترب في قبره وحيداً
مسافراً إلى العالم الآخر حيثُ الخلود إمّا بالنعيم أو بالجحيم ..
هل لأنهم هم أمامهم عمراً وحياة يعيشونها تتمنون لهم السعادة والرحمة فيه ونحنُ لا؟ لأنه انتهى عمرنا ألا تتمنون لنا الرحمة ولقاء في الجنة ؟
فقط " ادعوا لنا "
بقلم : بسمات بريئة
غربيون أنتُم يا صحبي ، عندَما مِتْ بكيتم عليّ بكاءً شديداً ولم تتوقفوا عَن الدُعاءَ لي .. أمّا الآن ، أصبحتُ مجَرّد ذكرى " لَرُبّما " تدمَعُ العَينَ لها بالنسبة لكم ... أمّا أنتِ يا أمّي فما زلتِ إلى هذه اللحظة تتذكريني وتبكي على فقدي وتدعين لي لكن لم يزدني صوتَ نحيبُكِ إلّا ألماً .. كم أتمنى لو بإمكاني أن أعود وامسَح دمعك الذي يتخذ من تجاعيد وجهك مسرباً له لتمسحيه بكلِ هدوء بيدكِ المرتجفة .. كم كنت " حقيراً " عندما تجاهلتُ طلباتك لكي أرضي صحبي لكن الآن ليسَ بيدي شيء .
أريدُ أن أخبركِ يا أمّي لَم أعُد اشعرُ بالغيرة من أخي الصغير ولو كنت كذلك لغرتُ لأنه قادر على أن يدخل السعادة إلى قلبك وأن يرضيكِ وأنا لا، فَهو " حي " وأنا " ميّت " .. ولم أعد ارغبُ بمضايقة أختي فهذه هي حياتها وهي حرّة فيها .
تدعون لي بالبرودة والتوسيع بالقبر .. لم تعلموا انّه كلّما زادَت سعته وبرودته زاد شعوري بالحزن والوحدة .. كم هو حنون هذا الكفن الأبيض الذي يضمني بكل دفئ حتى لا اشعر أنني وحيد .. لكن رغمَ شدة بياضه لم يكن كافية للقضاء على شدة عتمة القبر .. ربما لم يكن نقياً بما فيه الكفاية .
كلّ ما أريدُ منكم مجرّد دعوة عند شروق الشمس وعندَ مغيبها ، هل هذا كثير ؟
لو كنتم تشعرون بضيق مكاني واختناق أنفاسي وحبسها وشدة حزني ويأسي اقسم أنكم ستدعون لي أكثر مما تدعون لأنفسكم !
كم انتم " سخيفين " عندما تدعون للأحياء وتنسوننا نحنُ الأموات تحت الأرض !
تدعون للمغترب وللمسافر وتنسون أنّ " الميت " مغترب في قبره وحيداً
مسافراً إلى العالم الآخر حيثُ الخلود إمّا بالنعيم أو بالجحيم ..
هل لأنهم هم أمامهم عمراً وحياة يعيشونها تتمنون لهم السعادة والرحمة فيه ونحنُ لا؟ لأنه انتهى عمرنا ألا تتمنون لنا الرحمة ولقاء في الجنة ؟
فقط " ادعوا لنا "
بقلم : بسمات بريئة
